الْمَاءَ أَيْ يَرِدُونَهُ أَظْمَأَ مَا هُمْ إِلَيْهِ، وَهَذَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الصِّرَاطِ، فَإِنَّهُ جِسْرُ النَّارِ وَقَدْ وَرَدُوهَا كُلُّهُمْ، فَلَمَّا قَطَعُوهُ اشْتَدَّ ظَمَؤُهُمْ إِلَى الْمَاءِ فَوَرَدُوا حَوْضَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا وَرَدُوهُ فِي مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ.
وَقَوْلُهُ ( «تَخْنِسُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ» ) أَيْ تَخْتَفِيَانِ فَتَحْتَبِسَانِ وَلَا يُرَيَانِ. وَالِاخْتِنَاسُ التَّوَارِي وَالِاخْتِفَاءُ. وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ.
وَقَوْلُهُ ( «مَا بَيْنَ الْبَابَيْنِ مَسِيرَةُ سَبْعِينَ عَامًا» ) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّ مَا بَيْنَ الْبَابِ وَالْبَابِ هَذَا الْمِقْدَارُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْبَابَيْنِ الْمِصْرَاعَيْنِ، وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا مَا جَاءَ مِنْ تَقْدِيرِهِ بِأَرْبَعِينَ عَامًا لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ رَاوِيهِ بِالرَّفْعِ بَلْ قَالَ: وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ عَامًا. وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَسَافَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ سُرْعَةِ السَّيْرِ فِيهَا وَبُطْئِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ ( «فِي خَمْرِ الْجَنَّةِ أَنَّهُ مَا بِهَا صُدَاعٌ وَلَا نَدَامَةٌ» ) تَعْرِيضٌ بِخَمْرِ الدُّنْيَا وَمَا يَلْحَقُهَا مِنْ صُدَاعِ الرَّأْسِ، وَالنَّدَامَةِ عَلَى ذَهَابِ الْعَقْلِ وَالْمَالِ، وَحُصُولِ الشَّرِّ الَّذِي يُوجِبُهُ زَوَالُ الْعَقْلِ. وَالْمَاءُ غَيْرُ الْآسِنِ هُوَ الَّذِي لَمْ يَتَغَيَّرْ بِطُولِ مُكْثِهِ.
وَقَوْلُهُ فِي نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ (غَيْرَ أَنْ لَا تَوَالُدَ) قَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ، هَلْ تَلِدُ نِسَاءُ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَكُونُ فِيهَا حَبَلٌ وَلَا وِلَادَةٌ، وَاحْتَجَّتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِحَدِيثٍ آخَرَ أَظُنُّهُ فِي " الْمُسْنَدِ " وَفِيهِ: ( «غَيْرَ أَنْ لَا مَنِيَّ وَلَا مَنِيَّةَ» ) وَأَثْبَتَتْ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ الْوِلَادَةَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute