وَاحِدَةً. قَالَ: آللَّهِ. قَالَ: آللَّهِ. قَالَ: هُوَ مَا أَرَدْتَ» ) فَقَبِلَ مِنْهُ نِيَّتَهُ فِي اللَّفْظِ الْمُحْتَمَلِ. وَقَدْ قَالَ مالك: إِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْبَتَّةَ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ، فَتَرَكَ الْيَمِينَ فَلَيْسَتْ طَالِقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يُطَلِّقَهَا، وَبِهَذَا أَفْتَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ، حَتَّى إِنَّ أحمد فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَهَا ثَلَاثُ صُوَرٍ:
إِحْدَاهَا: أَنْ يَرْجِعَ عَنْ يَمِينِهِ وَلَمْ يَكُنِ التَّنْجِيزُ مُرَادَهُ، فَهَذِهِ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَلَا يَكُونُ حَالِفًا.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ الْيَمِينَ لَا التَّنْجِيزَ، فَيَقُولُ: أَنْتِ طَالِقٌ وَمَقْصُودُهُ إِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ الْيَمِينَ مِنْ أَوَّلِ كَلَامِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَنِ الْيَمِينِ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ، وَيَجْعَلُ الطَّلَاقَ مُنَجَّزًا، فَهَذَا لَا يَقَعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِهِ الْإِيقَاعَ، وَإِنَّمَا نَوَى بِهِ التَّعْلِيقَ، فَكَانَ قَاصِرًا عَنْ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ، فَإِذَا نَوَى التَّنْجِيزَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَتَى فِي التَّنْجِيزِ بِغَيْرِ النِّيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ أحمد. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: ٢٢٥] [الْبَقَرَةِ: ٢٢٥]
وَاللَّغْوُ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ يَظُنُّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَيَتَبَيَّنُ بِخِلَافِهِ. وَالثَّانِي: أَنْ تَجْرِيَ الْيَمِينُ عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِلْحَلِفِ كَلَّا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ، وَكِلَاهُمَا رَفَعَ اللَّهُ الْمُؤَاخَذَةَ بِهِ لِعَدَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute