{نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: ٣١] [الْأَحْزَابِ: ٣١] ، وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ» ) ، فَإِنَّ الْمَرَّتَيْنِ هُنَا هُمَا الضِّعْفَانِ، وَهُمَا الْمِثْلَانِ، وَهُمَا مِثْلَانِ فِي الْقَدْرِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: ٣٠] [الْأَحْزَابِ: ٣٠] ، وَقَوْلِهِ: {فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} [البقرة: ٢٦٥] [الْبَقَرَةِ: ٢٦٥] ، أَيْ: ضِعْفَيْ مَا يُعَذَّبُ بِهِ غَيْرُهَا، وَضِعْفَيْ مَا كَانَتْ تُؤْتِي، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ أنس: «انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّتَيْنِ، أَيْ: شَقَّتَيْنِ وَفِرْقَتَيْنِ» ، كَمَا قَالَ فِي اللَّفْظِ الْآخَرِ: ( «انْشَقَّ الْقَمَرُ فِلْقَتَيْنِ» )
وَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّهُ إِنَّمَا انْشَقَّ الْقَمَرُ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَالْفَرْقُ مَعْلُومٌ بَيْنَ مَا يَكُونُ مَرَّتَيْنِ فِي الزَّمَانِ، وَبَيْنَ مَا يَكُونُ مِثْلَيْنِ وَجُزْأَيْنِ وَمَرَّتَيْنِ فِي الْمُضَاعَفَةِ.
فَالثَّانِي: يُتَصَوَّرُ فِيهِ اجْتِمَاعُ الْمَرَّتَيْنِ فِي آنٍ وَاحِدٍ، وَالْأَوَّلُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَشْرَعِ الثَّلَاثَ جُمْلَةً أَنَّهُ قَالَ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] إِلَى أَنْ قَالَ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: ٢٢٨] [الْبَقَرَةِ: ٢٢٨] ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَالْمُطَلِّقُ أَحَقُّ فِيهِ بِالرَّجْعَةِ سِوَى الثَّالِثَةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ هَذَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] ، إِلَى قَوْلِهِ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ٢] ، فَهَذَا هُوَ الطَّلَاقُ الْمَشْرُوعُ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَقْسَامَ الطَّلَاقِ كُلَّهَا فِي الْقُرْآنِ، وَذَكَرَ أَحْكَامَهَا، فَذَكَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute