قَالَ عبد الرزاق: حَدَّثَنَا معمر، عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ، (أَنَّ الْعَبْدَ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَالَ: لَا تَرْجِعْ إِلَيْهَا وَإِنْ ضُرِبَ رَأْسُكَ) .
فَمَأْخَذُ هَذِهِ الْفَتْوَى، أَنَّ طَلَاقَ الْعَبْدِ بِيَدِ سَيِّدِهِ، كَمَا أَنَّ نِكَاحَهُ بِيَدِهِ، كَمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عطاء، عَنْ (ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَيْسَ طَلَاقُ الْعَبْدِ وَلَا فُرْقَتُهُ بِشَيْءٍ) .
وَذَكَرَ عبد الرزاق، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أبي الزبير، أَنَّهُ سَمِعَ (جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ: سَيِّدُهُمَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيُفَرِّقُ) ، وَهَذَا قَوْلُ أبي الشعثاء، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَا يَرَوْنَ لِلْعَبْدِ طَلَاقًا إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَهَذَا مَأْخَذُ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَا أَنَّهُ يَرَى طَلَاقَ الْعَبْدِ ثَلَاثًا إِذَا كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةٌ، وَمَا عَلِمْنَا أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ بِذَلِكَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ أَيَّ الزَّوْجَيْنِ رَقَّ كَانَ الطَّلَاقُ بِسَبَبِ رِقِّهِ اثْنَتَيْنِ، كَمَا رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عبد الله بن عمر، عَنْ نافع، عَنِ (ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: الْحُرُّ يُطَلِّقُ الْأَمَةَ تَطْلِيقَتَيْنِ، وَتَعْتَدُّ بِحَيْضَتَيْنِ، وَالْعَبْدُ يُطَلِّقُ الْحُرَّةَ تَطْلِيقَتَيْنِ، وَتَعْتَدُّ ثَلَاثَ حِيَضٍ) ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الطَّلَاقَ بِالرِّجَالِ، فَيَمْلِكُ الْحُرُّ ثَلَاثًا. وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً، وَالْعَبْدُ ثِنْتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ حُرَّةً، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ومالك وأحمد فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، هَذَا قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وعائشة، وأم سلمة أُمَّيِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ القاسم، وسالم، وأبي سلمة، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وربيعة، وأبي الزناد، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَابْنِ الْمُسَيَّبِ، وعطاء.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute