للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلَّقَ بِهِ امْرَأَتَهُ لَمَّا قَالَ لَهَا إِبْرَاهِيمُ: ( «مُرِيهِ فَلْيُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ "، فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ الْعَتَبَةُ، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ» ) وَحَدِيثُ عائشة كَالصَّرِيحِ، فِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَقَدَ عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا قَالَتْ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ، فَهَذَا دُخُولُ الزَّوْجِ بِأَهْلِهِ، وَيُؤَكِّدُهُ قَوْلُهَا: وَدَنَا مِنْهَا. وَأَمَّا حَدِيثُ أبي أسيد، فَغَايَةُ مَا فِيهِ قَوْلُهُ: (هَبِي لِي نَفْسَكِ) وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ نِكَاحُهُ لَهَا، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ هَذَا اسْتِدْعَاءً مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلدُّخُولِ لَا لِلْعَقْدِ. وَأَمَّا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، فَهُوَ أَصْرَحُهَا، فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وُجِدَ عَقْدٌ، فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا، قَالُوا: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ لِيَخْطُبَكِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا هِيَ الْجَوْنِيَّةُ؛ لِأَنَّ سهلا قَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَأَمَرَ أبا أسيد أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا.

فَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ، دَارَتْ عَلَى عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وأبي أسيد وسهل، وَكُلٌّ مِنْهُمْ رَوَاهَا، وَأَلْفَاظُهُمْ فِيهَا مُتَقَارِبَةٌ، وَيَبْقَى التَّعَارُضُ بَيْنَ قَوْلِهِ: جَاءَ لِيَخْطُبَكِ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا وَدَنَا مِنْهَا، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ وَهْمًا، أَوِ الدُّخُولُ لَيْسَ دُخُولَ الرَّجُلِ عَلَى امْرَأَتِهِ، بَلِ الدُّخُولَ الْعَامَّ وَهَذَا مُحْتَمَلٌ.

وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قِصَّةِ إِسْمَاعِيلَ صَرِيحٌ، وَلَمْ يَزَلْ هَذَا اللَّفْظُ مِنَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يُطَلَّقُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَوْقَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّلَاقَ، وَهُمُ الْقُدْوَةُ: بِأَنْتِ حَرَامٌ، وَأَمْرُكِ بِيَدِكِ، وَاخْتَارِي. وَوَهَبْتُكِ لِأَهْلِكِ، وَأَنْتِ خَلِيَّةٌ، وَقَدْ خَلَوْتِ مِنِّي، وَأَنْتِ بَرِيَّةٌ، وَقَدْ أَبْرَأْتُكِ، وَأَنْتِ مُبَرَّأَةٌ، وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، وَأَنْتِ الْحَرَجُ.

فَقَالَ علي وَابْنُ عُمَرَ: (الْخَلِيَّةُ ثَلَاثٌ) وَقَالَ عمر: (وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا) وَفَرَّقَ معاوية بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ قَالَ لَهَا: إِنْ خَرَجْتِ فَأَنْتِ خَلِيَّةٌ، وَقَالَ علي وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>