وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: ( «أَرْبَعَةٌ لَيْسَ بَيْنَهُمْ لِعَانٌ؛ لَيْسَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْأَمَةِ لِعَانٌ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْعَبْدِ لِعَانٌ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِيَّةِ لِعَانٌ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ لِعَانٌ» )
وَذَكَرَ عبد الرزاق فِي " مُصَنَّفِهِ " عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: مِنْ وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعتاب بن أسيد: أَنْ لَا لِعَانَ بَيْنَ أَرْبَعٍ. فَذَكَرَ مَعْنَاهُ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ اللِّعَانَ جُعِلَ بَدَلَ الشَّهَادَةِ، وَقَائِمًا مَقَامَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا، فَلَا يَصِحُّ إِلَّا مِمَّنْ تَصِحُّ مِنْهُ، وَلِهَذَا تُحَدُّ الْمَرْأَةُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ وَنُكُولِهَا تَنْزِيلًا لِلِعَانِهِ مَنْزِلَةَ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ.
قَالُوا: وَأَمَّا الْحَدِيثُ: ( «لَوْلَا مَا مَضَى مِنَ الْأَيْمَانِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» ) فَالْمَحْفُوظُ فِيهِ: " «لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ» " هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ في " صَحِيحِهِ ".
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " «لَوْلَا مَا مَضَى مِنَ الْأَيْمَانِ» " فَمِنْ رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ الرَّازِيُّ: مَتْرُوكٌ قَدَرِيٌّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ.
وَقَدِ اسْتَقَرَّتْ قَاعِدَةُ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالزَّوْجُ هَاهُنَا مُدَّعٍ، فَلِعَانُهُ شَهَادَةٌ، وَلَوْ كَانَ يَمِينًا لَمْ تُشْرَعْ فِي جَانِبِهِ.
قَالَ الْأَوَّلُونَ: أَمَّا تَسْمِيَتُهُ شَهَادَةً فَلِقَوْلِ الْمُلْتَعِنِ فِي يَمِينِهِ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ، فَسُمِّيَ بِذَلِكَ شَهَادَةً، وَإِنْ كَانَ يَمِينًا اعْتِبَارًا بِلَفْظِهَا.
قَالُوا: وَكَيْفَ وَهُوَ مُصَرَّحٌ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute