للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أحمد: تُحْبَسُ حَتَّى تُقِرَّ أَوْ تُلَاعِنَ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ: لَا تُحْبَسُ وَيُخَلَّى سَبِيلُهَا.

قَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: لَوْ كَانَ لِعَانُ الرَّجُلِ بَيِّنَةً تُوجِبُ الْحَدَّ عَلَيْهَا لَمْ تَمْلِكْ إِسْقَاطَهُ بِاللِّعَانِ وَتَكْذِيبِ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ.

قَالُوا: وَلِأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهَا مَعَ ثَلَاثَةٍ غَيْرَهُ لَمْ تُحَدَّ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، فَلِأَنْ لَا تُحَدَّ بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ أَوْلَى وَأَحْرَى.

قَالُوا: وَلِأَنَّهُ أَحَدُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، فَلَا يُوجِبُ حَدَّ الْآخَرِ كَمَا لَمْ يُوجِبْ لِعَانُهَا حَدَّهُ.

قَالُوا: وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» ) وَلَا رَيْبَ أَنَّ الزَّوْجَ هَاهُنَا مُدَّعٍ.

قَالُوا: وَلِأَنَّ مُوجَبَ لِعَانِهِ إِسْقَاطُ الْحَدِّ عَنْ نَفْسِهِ لَا إِيجَابُ الْحَدِّ عَلَيْهَا، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» ) فَإِنَّ مُوجَبَ قَذْفِ الزَّوْجِ كَمُوجَبِ قَذْفِ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ الْحَدُّ، فَجَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى التَّخَلُّصِ مِنْهُ بِاللِّعَانِ، وَجَعَلَ طَرِيقَ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَرْأَةِ أَحَدَ أَمْرَيْنِ؛ إِمَّا أَرْبَعَةُ شُهُودٍ، أَوِ اعْتِرَافٌ، أَوِ الْحَبَلُ عِنْدَ مَنْ يَحُدُّ بِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، كَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالرَّجْمُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ زَنَى مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا كَانَ مُحْصَنًا إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ) ، وَكَذَلِكَ قَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَجَعَلَا طَرِيقَ الْحَدِّ ثَلَاثَةً لَمْ يَجْعَلَا فِيهَا اللِّعَانَ.

قَالُوا: وَأَيْضًا فَهَذِهِ لَمْ يَتَحَقَّقْ زِنَاهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ؛ لِأَنَّ تَحَقُّقَ زِنَاهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>