فَهَبْ أَنَّ مَنْ لَمْ يَقْضِ بِالنُّكُولِ تَنَاقَضَ فَمَاذَا يَضُرُّ ذَلِكَ هَدْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا
عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَتَنَاقَضْ، فَإِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ نُكُولٍ مُجَرَّدٍ لَا قُوَّةَ لَهُ وَبَيْنَ نُكُولٍ قَدْ قَارَنَهُ الْتِعَانٌ مُؤَكَّدٌ مُكَرَّرٌ أُقِيمَ فِي حَقِّ الزَّوْجِ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ، مَعَ شَهَادَةِ الْحَالِ بِكَرَاهَةِ الزَّوْجِ لِزِنَى امْرَأَتِهِ وَفَضِيحَتِهَا وَخَرَابِ بَيْتِهَا، وَإِقَامَةِ نَفْسِهِ وَحُبِّهِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ الْعَظِيمِ بِمَشْهَدِ الْمُسْلِمِينَ يَدْعُو عَلَى نَفْسِهِ بِاللَّعْنَةِ إِنْ كَانَ كَاذِبًا بَعْدَ حَلِفِهِ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ. وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنَّمَا حَكَمَ بِنُكُولٍ قَدْ قَارَنَهُ مَا هَذَا شَأْنُهُ، فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِنُكُولٍ مُجَرَّدٍ؟ .
قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بالزِّنَى ثُمَّ رَجَعَتْ لَسَقَطَ عَنْهَا الْحَدُّ، فَكَيْفَ يَجِبُ بِمُجَرَّدِ امْتِنَاعِهَا مِنَ الْيَمِينِ؟ بِجَوَابِهِ: مَا تَقَرَّرَ آنِفًا.
قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ الْعَذَابَ الْمُدْرَأَ عَنْهَا بِلِعَانِهَا هُوَ عَذَابُ الْحَبْسِ أَوْ غَيْرُهُ، فَجَوَابُهُ أَنَّ الْعَذَابَ الْمَذْكُورَ إِمَّا عَذَابُ الدُّنْيَا أَوْ عَذَابُ الْآخِرَةِ، وَحَمْلُ الْآيَةِ عَلَى عَذَابِ الْآخِرَةِ بَاطِلٌ قَطْعًا، فَإِنَّ لِعَانَهَا لَا يَدْرَؤُهُ إِذَا وَجَبَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا هُوَ عَذَابُ الدُّنْيَا، وَهُوَ الْحَدُّ قَطْعًا، فَإِنَّهُ عَذَابُ الْمَحْدُودِ، وَهُوَ فِدَاءٌ لَهُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَلِهَذَا شَرَعَهُ سُبْحَانَهُ طُهْرَةً وَفِدْيَةً مِنْ ذَلِكَ الْعَذَابِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute