عمر، وَلَوْ صَحَّ عَنْهُ لَكَانَ قَوْلًا عَنْهُ، فَإِنَّ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي إِبْطَالِ قَوْلِ الْقَائِفِ، وَلَوْ كَانَ صَرِيحًا فِي إِبْطَالِ قَوْلِهِ لَكَانَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ إِذَا أَلْحَقَهُ بِاثْنَيْنِ،، كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ.
وَأَمَّا إِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِأَخٍ وَأَنْكَرَهُ الْبَاقُونَ، فَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ لِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ هُنَاكَ شَبَهٌ يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ الْقَائِفُ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إِنْكَارُ الْبَاقِينَ، وَنَحْنُ لَا نَقْصُرُ الْقَافَةَ عَلَى بَنِي مُدْلِجٍ، وَلَا نَعْتَبِرُ تَعَدُّدَ الْقَائِفِ، بَلْ يَكْفِي وَاحِدٌ عَلَى الصَّحِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ، وَعَنْ أحمد رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ شَهَادَةٌ فَلَا بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ، وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ بِنَاءٌ عَلَى اشْتِرَاطِ اللَّفْظِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَالْمَنْقُولُ عَنْ عمر أَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِأَبَوَيْنِ فَمَا تَقُولُونَ فِيمَا إِذَا أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَبَوَيْنِ هَلْ تُلْحِقُونَهُ بِهِمَا أَوْ لَا تُلْحِقُونَهُ إِلَّا بِوَاحِدٍ، وَإِذَا أَلْحَقْتُمُوهُ بِأَبَوَيْنِ فَهَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِاثْنَيْنِ أَمْ يَلْحَقُ بِهِمْ وَإِنْ كَثُرُوا، وَهَلْ حُكْمُ الِاثْنَيْنِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْأَبَوَيْنِ أَمْ مَاذَا حُكْمُهُمَا؟
قِيلَ: هَذِهِ مَسَائِلُ فِيهَا نِزَاعٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ: لَا يَلْحَقُ بِأَبَوَيْنِ، وَلَا يَكُونُ لِلرَّجُلِ إِلَّا أَبٌ وَاحِدٌ، وَمَتَى أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِاثْنَيْنِ سَقَطَ قَوْلُهَا. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: بَلْ يَلْحَقُ بِاثْنَيْنِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَنَصَّ أحمد فِي رِوَايَةِ مهنا بن يحيى: أَنَّهُ يَلْحَقُ بِثَلَاثَةٍ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي: وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ يَلْحَقُ بِمَنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِ وَإِنْ كَثُرُوا؛ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ إِلْحَاقُهُ بِاثْنَيْنِ جَازَ إِلْحَاقُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا مَذْهَبُ أبي حنيفة، لَكِنَّهُ لَا يَقُولُ بِالْقَافَةِ، فَهُوَ يُلْحِقُهُ بِالْمُدَّعِينَ وَإِنْ كَثُرُوا، وَقَالَ الْقَاضِي: يَجِبُ أَنْ لَا يَلْحَقَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ محمد بن الحسن، وَقَالَ ابن حامد: لَا يَلْحَقُ بِأَكْثَرَ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute