اثْنَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ أبي يوسف، فَمَنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ قَالَ: قَدْ أَجْرَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَادَتَهُ أَنَّ لِلْوَلَدِ أَبًا وَاحِدًا وَأُمًّا وَاحِدَةً، وَلِذَلِكَ يُقَالُ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، وَفُلَانُ بْنُ فُلَانَةَ فَقَطْ.
وَلَوْ قِيلَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ لَكَانَ ذَلِكَ مُنْكَرًا وَعُدَّ قَذْفًا، وَلِهَذَا إِنَّمَا يُقَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ؟ وَهَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَلَمْ يُعْهَدْ قَطُّ فِي الْوُجُودِ نِسْبَةُ وَلَدٍ إِلَى أَبَوَيْنِ قَطُّ، وَمَنْ أَلْحَقَهُ بِاثْنَيْنِ احْتَجَّ بِقَوْلِ عمر وَإِقْرَارِ الصَّحَابَةِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَبِأَنَّ الْوَلَدَ قَدْ يَنْعَقِدُ مِنْ مَاءِ رَجُلَيْنِ كَمَا يَنْعَقِدُ مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، ثُمَّ قَالَ أبو يوسف: إِنَّمَا جَاءَ الْأَثَرُ بِذَلِكَ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُتَعَدَّى بِهِ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ أَحْمَدَ إِنَّمَا نَصَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَالْأَصْلُ أَلَّا يُلْحَقَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، وَقَدْ دَلَّ قَوْلُ عمر عَلَى إِلْحَاقِهِ بِاثْنَيْنِ مَعَ انْعِقَادِهِ مِنْ مَاءِ الْأُمِّ، فَدَلَّ عَلَى إِمْكَانِ انْعِقَادِهِ مِنْ مَاءِ ثَلَاثَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَمَشْكُوكٌ فِيهِ.
قَالَ الْمُلْحِقُونَ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِذَا جَازَ تَخْلِيقُهُ مِنْ مَاءِ رَجُلَيْنِ وَثَلَاثَةٍ جَازَ خَلْقُهُ مِنْ مَاءِ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسَةٍ، وَلَا وَجْهَ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَقَطْ، بَلْ إِمَّا أَنْ يُلْحَقَ بِهِمْ وَإِنْ كَثُرُوا، وَإِمَّا أَنْ لَا يُتَعَدَّى بِهِ أَحَدٌ، وَلَا قَوْلَ سِوَى الْقَوْلَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قِيلَ: إِذَا اشْتَمَلَ الرَّحِمُ عَلَى مَاءِ الرَّجُلِ وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ مِنْهُ الْوَلَدَ انْضَمَّ عَلَيْهِ أَحْكَمَ انْضِمَامٍ وَأَتَمَّهُ حَتَّى لَا يَفْسُدَ، فَكَيْفَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مَاءٌ آخَرُ؟
قِيلَ: لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَصِلَ الْمَاءُ الثَّانِي إِلَى حَيْثُ وَصَلَ الْأَوَّلُ فَيَنْضَمَّ عَلَيْهِمَا، وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْوَلَدَ يَنْعَقِدُ مِنْ مَاءِ الْأَبَوَيْنِ، وَقَدْ سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَمَعَ هَذَا فَلَا يَمْتَنِعُ وُصُولُ الْمَاءِ الثَّانِي إِلَى حَيْثُ وَصَلَ الْأَوَّلُ، وَقَدْ عُلِمَ بِالْعَادَةِ أَنَّ الْحَامِلَ إِذَا تُوبِعَ وَطْؤُهَا جَاءَ الْوَلَدُ عَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute