اسْتِبْرَاءٌ بِحَيْضَةٍ لِأَنَّهَا لَمَّا افْتَدَتْ مِنْهُ وَبَانَتْ مَلَكَتْ نَفْسَهَا فَلَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِإِمْسَاكِهَا فَلَا مَعْنَى لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، بَلِ الْمَقْصُودُ الْعِلْمُ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا فَيَكْفِي مُجَرَّدُ الِاسْتِبْرَاءِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُهَاجِرَةَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ قَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّهَا إِنَّمَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ، ثُمَّ تَزَوَّجُ كَمَا سَيَأْتِي.
الثَّالِثُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَشْرَعْ لَهَا طَلَاقًا بَائِنًا بَعْدَ الدُّخُولِ إِلَّا الثَّالِثَةَ، وَكُلُّ طَلَاقٍ فِي الْقُرْآنِ سِوَاهَا فَرَجْعِيٌّ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا ذَكَرَ الْقُرُوءَ الثَّلَاثَةَ فِي هَذَا الطَّلَاقِ الَّذِي شَرَعَهُ لِهَذِهِ الْحِكْمَةِ. وَأَمَّا الْمُفْتَدِيَةُ فَلَيْسَ افْتِدَاؤُهَا طَلَاقًا بَلْ خُلْعًا غَيْرَ مَحْسُوبٍ مِنَ الثَّلَاثِ وَالْمَشْرُوعُ فِيهِ حَيْضَةٌ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا يَنْتَقِضُ عَلَيْكُمْ بِصُورَتَيْنِ.
إِحْدَاهُمَا: بِمَنِ اسْتَوْفَتْ عَدَدَ طَلَاقِهَا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، وَلَا يَتَمَكَّنُ زَوْجُهَا مِنْ رَجْعَتِهَا.
الثَّانِيَةُ: بِالْمُخَيَّرَةِ إِذَا عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، فَإِنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ بِالسُّنَّةِ كَمَا فِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ( «أُمِرَتْ بريرة أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ» ) وَفِي " سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ ": ( «أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَلَا رَجْعَةَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا» )
فَالْجَوَابُ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُحَرِّمَ لِلزَّوْجَةِ لَا يَجِبُ فِيهِ التَّرَبُّصُ لِأَجْلِ رَجْعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute