للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: فَرَدَدْنَاهَا فِي نَمَطٍ) ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، ومالك، وَالشَّافِعِيِّ، وأبي حنيفة رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَأَصْحَابِهِمْ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وأبي عبيد، وإسحاق.

قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَبِهِ يَقُولُ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَالْعِرَاقِ، وَمِصْرَ.

وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ حَدِيثُ الفريعة بنت مالك، وَقَدْ تَلَقَّاهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْقَبُولِ، وَقَضَى بِهِ بِمَحْضَرِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَتَلَقَّاهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ بِالْقَبُولِ، وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ طَعَنَ فِيهِ، وَلَا فِي رُوَاتِهِ، وَهَذَا مالك مَعَ تَحَرِّيهِ وَتَشَدُّدِهِ فِي الرِّوَايَةِ.

وَقَوْلُهُ لِلسَّائِلِ لَهُ عَنْ رَجُلٍ: أَثِقَةٌ هُوَ؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ ثِقَةً لَرَأَيْتُهُ فِي كُتُبِي: قَدْ أَدْخَلَهُ فِي " مُوَطَّئِهِ " وَبَنَى عَلَيْهِ مَذْهَبَهُ.

قَالُوا: وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ النِّزَاعَ بَيْنَ السَّلَفِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَكِنَّ السُّنَّةَ تَفْصِلُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ.

قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَمَّا السُّنَّةُ فَثَابِتَةٌ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَمُسْتَغْنًى عَنْهُ مَعَ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ إِذَا نَزَلَ فِي مَسْأَلَةٍ كَانَتِ الْحُجَّةُ فِي قَوْلِ مَنْ وَافَقَتْهُ السُّنَّةُ.

وَقَالَ عبد الرزاق: أَخْبَرَنَا معمر، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: (أَخَذَ الْمُتَرَخِّصُونَ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِقَوْلِ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأَخَذَ أَهْلُ الْعَزْمِ وَالْوَرَعِ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ) .

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ مُلَازَمَةُ الْمَنْزِلِ حَقٌّ عَلَيْهَا، أَوْ حَقٌّ لَهَا؟ قِيلَ: بَلْ هُوَ حَقٌّ عَلَيْهَا إِذَا تَرَكَهُ لَهَا الْوَرَثَةُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا فِيهِ ضَرَرٌ، أَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهَا، فَلَوْ حَوَّلَهَا الْوُرَّاثُ، أَوْ طَلَبُوا مِنْهَا الْأُجْرَةَ لَمْ يَلْزَمْهَا السَّكَنُ وَجَازَ لَهَا التَّحَوُّلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>