للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِهَةِ الْقُرْآنِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ " إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهُ عَلَيْنَا " وَهَذَا لَا يَنْفِي الْوُجُوبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ، هُوَ مَا أَخْبَرَهُمْ بِأَنَّهُ كَتَبَهُ عَلَيْهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣] [الْبَقَرَةِ: ١٨٣] فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي هَذَا الْمَكْتُوبِ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِيمَا كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا، فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْأَمْرِ السَّابِقِ بِصِيَامِهِ الَّذِي صَارَ مَنْسُوخًا بِهَذَا الصِّيَامِ الْمَكْتُوبِ. يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ معاوية إِنَّمَا سُمِعَ هَذَا مِنْهُ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَاسْتِقْرَارِ فَرْضِ رَمَضَانَ، وَنَسْخِ وُجُوبِ عَاشُورَاءَ بِهِ. وَالَّذِينَ شَهِدُوا أَمْرَهُ بِصِيَامِهِ وَالنِّدَاءِ بِذَلِكَ، وَبِالْإِمْسَاكِ لِمَنْ أَكَلَ، شَهِدُوا ذَلِكَ قَبْلَ فَرْضِ رَمَضَانَ عِنْدَ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ، وَفَرْضُ رَمَضَانَ كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَامَ تِسْعَ رَمَضَانَاتٍ، فَمَنْ شَهِدَ الْأَمْرَ بِصِيَامِهِ شَهِدَهُ قَبْلَ نُزُولِ فَرْضِ رَمَضَانَ، وَمَنْ شَهِدَ الْإِخْبَارَ عَنْ عَدَمِ فَرْضِهِ شَهِدَهُ فِي آخِرِ الْأَمْرِ بَعْدَ فَرْضِ رَمَضَانَ، وَإِنْ لَمْ يَسْلُكْ هَذَا الْمَسْلَكَ تَنَاقَضَتْ أَحَادِيثُ الْبَابِ وَاضْطَرَبَتْ.

فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ يَكُونُ فَرْضًا وَلَمْ يَحْصُلْ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ مِنَ اللَّيْلِ وَقَدْ قَالَ: ( «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ» ) .

فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>