وقد كان الباقلاني أسَدَّ رأياً حين لم ينف وجودالمعارضات أصلاً. بل نفى أن
يكون ما ورد منها تنطبق عليه خصائص المعارضات المقبولة، ولو قال النافون
على الإطلاق مثل قوله لما خالفهم أحد.
والذي نأخذه على الدكتور العمارى أنه يرى أن التسليم بورود المعارضات
لا يخدم قضية الإعجاز القرآني. ولذلك راح يستخدم كل حيلة وبراعة في تأييد مذهب نفى المعارضات أساساً.
ونحن نميل إلى خلاف رأيه في سيء من الحيطة وما نريد إثباته هنا. أن:
المعارضات التي وردت لم تكن قضية العرب كلهم لأنها لا تفيدهم في مقام
التحدى لعدم ورودها على أسلوب القرآن. ولذلك لم تكن موضع اهتمام عند جميعهم حتى لا يخاطروا بما لا يحسنون في مقام يؤخذ عليهم فيه ذلك.
لذلك جاءت المعارضات من الحمقى والمغامرين. فهى تمثل عندهم طابعاً
فردياً لا جَماعياً.
* * *
[* التسليم بوجود المعارضة يخدم قضية الإعجاز:]
وهذه المعارضات على ندرتها واختلاف الرواية فيها والصياغة، وطابعها
المفردى. . هي في مجموعها تخدم الإعجاز - على نقيض ما يقوله الدكتور
العمارى - ولا تنال منه، لأننا إذا عمدنا إلى شيء من نصوصها وقارناه بما
يقابله من القرآن الكريم. بانَ لنا الفرق بين الأصالة والتقليد، والقوة والضعف.
والجدة والذبول. كالفرق بين الزهرة اليانعة في روض أريض، وبين زهرة صناعية لا ماء فيها ولا شذا.
فقد عورض قوله سبحانه وتعالى: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣) .