أما الخطيب الإسكافي فقد اقتضب القول اقتضاباً وجاء تخريجه للمسألة
توجيهاً عاماً لم يتعرض فيه للتقديم في موضع - والتأخير في آخر.
تلك خلاصة سريعة لما ذكره صاحب البرهان من نقول، وما يراه هو شخصياً
فى توجيه التقديم والتأخير في هذا الموضع.
وخلاصة سريعة - أيضاً - لما ذكره ثلاثة من المفسرين وإشارة إلى رأي
الخطيب الإسكافي. فهل بقى - بعد - احتمال آخر
يتفق مع طبيعة الأسلوب؟
*
[* رأيي في المسألة:]
والذي أرجحه في مسألة إرجاع الضمائر هو أن يكون الضميران في الآية
الأولى راجعين إلى النفس الأولى. لأنها التحدث عنها. ولأن الضمير في:
" ولا يقبل منها شفاعة " لا يصح رجوعه إلا إليها. لأنه لو أراد النفس الثانبة " العاصية " لقال: " ولا يقبل فيها شفاعة " وهذا يرجح عود الضمير في: " ولا يؤخذ منها عدل " إليها هي أيضاً. ويكون المعنى - والله أعلم -: إن النفس المؤمنة لا تجزي عن سواها شيئاً، وإذا شفعت في غيرها فشفاعتها
مردودة، وإذا استبدلت بالشفاعة المردودة العدل فإنه كذلك لا يؤخذ منها.
ويكون ذلك كله تأكيداً لانفصام الروابط التي كانت بين الناس في الحياة
الدنيا من والدية ومولودية وأخوة وصداقة وزوجية:
(وَأنْ ليْسَ لِلإنْسَانِ إلا مَا سَعَى) .
وعود الضميرين في هذه الآية على النفس الأولى أولى - عندى - حتى
تكون الأفعال المنفية في المواضع التي هي: " لا تجزى " و " لا يُقبل "
و: " ولا يؤخذ " حديثاً عن النفس الأولى في سلسلة واحدة تخصها.