[* اضطراب الرماني في الرأي:]
لكن ذكره الصرفة مع الوجوه الأخرى جعله كالمتناقض مع نفسه؟ لأن الصرفة ترفع ما عداها فسواء أريد بها سلب العلوم الممكنة من المعارضة، أو سلب الدواعى، أو القسر والإلجاء.
فإن القائل بها لا يسوغ منه القول بغيرها في آن واحد.
والرماني يعترف بتوافر الدواعى لدى العرب لكنهم مع هذا تركوا
المعارضة. إذن فإن معنى الصرفة عند الرماني هو سلب العلوم أو القسر
والإلجاء ولولاهما لكان من المكن معارضة القرآن؟!.
هذا لازم مذهبه وإن لم يُصرح هو به. فكيف يصح عند الرماني أن يكون للإعجاز منزع آخر مع الصرفة؟ -
وعلى أية حال فإن الرماني قد اضطرب في رأيه وربما كان ذكره الصرفة
نقليداً ومتابعة أو لم يتضع له خطل الرأي فيها.
وعند شرحه لبلاغة القرآن فإنه لخص رأيه تلخيصاً وافياً وحسناً حيث يرى أن الكلام من حيث التلاؤم ثلاثة أقسام:
متنافر، ومتلائم في الطبقة الوسطى، ومتلالم في الطبقة العليا.
وقد ذكر للأول مثالاً قول الشاعر:
وَقَبْرُ حَرْب بِمَكَان قَفْرُ. . . وَليْسَ قُرْبَ قَبْرِ حَرْبِ قَبْرُ
أما الثاني فقد ساق له ثلاثة أبيات من الشعر هي:
وَمَتْنِى وَستْرُ اللهِ بَيْنِى وَبَيْنَهَا. . . عَشِيةَ آرام الكُنَاسِ رَمِيمُ
رَمِيمُ التِىَ قَالتْ لِجيِرانِ بَيْتِهَا. . . ضَمَنْتُ لكُمْ ألا يَزالُ يَهِيمُ
ألاَ رُبَّ يَوْمٍ لوْ رَمَتْنِى رَمَيْتُهَا. . . وَلكِن عَهْدِى بِالنِّضَالِ قَدِيمُ