- مخرج بيان حالهم مع كل ما يجب فهمه، ومع كل ما يجب رؤيته، ومع كل
ما يجب سماعه.
فى هذه الصورة خبر أو حكم هو: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) .
وهذا الخبر أو الحكم ذكرت بعده مبرراته: (لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا) .
وهذه الصفات الثلاث مقتضية لذلك المصير. ولكنها في نفس الوقت ممهددة
لحكم آخر. بل تكاد تدل عليه: (أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩) .
إنهم أشد ضلالاً من الأنعام. لأنها تنقاد إلى أربابها التي تعلفها وتتعهدها،
وتعرف مَن يحسن إليها ممن يسيء إليها. وتهتدى لراعيها ومشاربها.
وهؤلاء لا ينقادون لربهم. لا يعرفون إحسانه إليهم من إساءة الشيطان لهم الذي هو عدوهم، ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع.
ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار والمهالك.
ولا يهتدون للحق الذي هو المصدر الهنيء والعزب الروي.
لذلك كانوا الكاملين في الغفلة.
وجاء تشبيههم بالأنعام كذلك في قوله تعالى: (أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ) .
*
[* صورة ثالثة - أكلهم كأكل الأنعام:]
كذلك شبَّه أكلهم باكل الأنعام حتى تتم الصورة من كل الوجوه الممكنة فقال
سبحانه: (وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (١٢) .