ويبدو في هذا التعبير لون من القسوة لأن المقام مقام معصية وعقاب فهل ترى
أدبا في الحديث أروع من هذا الأدب.
* * *
[* إصابة اللفظ القرآني:]
ومن ذلك قوله تعالى:(وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) فقد آثر الاستواء
على غيره ولم يقل: رست أو استقرت، لأن الاستواء يدل على معنى لا يدل
عليه واحد من نظيريه المذكورين.
فالاستواء يدل على الاستقرار أو الرسو المطمئن مع اعتدال الوضع.
أما الرسو والاستقرار فقد يكونان على غير وضع الاعتدال كأن ترسو السفينة أو تستقر وهي منكسة مثلاً على الشاطئ.
والاستقرار المعتدل الوضع هو المعنى المطلوب في جانب نجاة المؤمنين من
الهلاك وسلامتهم من الطوفان.
ونفى التنكس - مثلاً - مطلوب في مكان عَمَّ الطوفان فيه وجه الأرض.
وغمر الماء النازل من السماء، والمتفجر من الأرض كل سهل ووعر.
لئلا يقع فى الظن أو الاعتقاد أن تكون السفينة قد تعرضت لشيء من الصعوبات، والله قد صور لنا خطورة المجرى إذ يقول:(وَهىَ تَجْرى بهمْ في مَوْجٍ كَالجِبَالِ) .
لذلك كان إيثار لفظ " الاستواء " على غيره أنسب لمقتضى الحال.
حتى يعلم المخاطبون كيف صنعت عناية القادر بعباده المؤمنين.