[* مقارنة بين المنهجين:]
عرضنا - في إيجاز - نظريتين في التقديم، إحداهما نظرية البلاغيين،
والثانية نظرية ابن الصائغ. ونخلص الآن إلى الموازنة بينهما.
أولاً - نظرية البلاغيين تشمل كل أنواع الكلام سواء أكان قرآناً أو حديثاً.
أو شعراً، أو نثراً. فهى تنظر في جميع الأساليب بلا خلاف.
أما نظرية ابن الصائغ فإنها خاصة بالتنزيل الحكيم، ولم يُمثل لها من غير
آياته.
وبهذا فإن نظرية البلاغيين أهم وأجدى لشمولها وعدم اختصاصها بنوع معيَّن
من القول.
ثانياً - يؤخذ على ابن الصائغ عدة أمور:
(أ) إهماله أسباباً هامة لم يتعرض لها، وهي التقديم الذي يفيد الاختصاص
وهذه وظيفه هامة جداً خاصة في دراسة التقديم في القرآن الكريم الذي قصر
همه عليه. وهذا قصور ظاهر.
(ب) أنه لم يلتزم الدقة في وضع القواعد، والتمثيل لها. وقد رأينا خلطه
فى التمثيل للنوعين الأولين اللذين هما التبرك والتعظيم.
كما أننا لم نجاره فى ما ذكر من أمثلة عليه باعتبار وجه السر فيها والتمسنا وجهاً آخر للتقديم غير ما ذكره هو.
(ب) ورأينا خطأه حين زعم أن الإنس يُقدم على الجن في القرآن في كل
موضع ذكِر فيه لأن الإنس أشرف من الجن.
وقد أثبتنا اثني عشر موضعاً جاء فيها الجن مقدماً على الإنس على خلاف ما ذكر هو.
كما أننا التمسنا وجهاً للتقديم فيها على غير ما ذهب إليه هو.
ومثل ذلك الخطأ الذي وقع فيه أنه زعم أن السمع يُقدم على البصر في القرآن وأن سر التقديم هو التشريف.