ويراد من الموضوعية شمول مبادئ القرآن، ومن التجرد نزاهة أحكامه من
الهوى.
وقد أقام الأدلة الواضحة والكثيرة مهتدياً بالنصوص القرآنية نفسها.
وهذا مظهر من مظاهر إعجاز القرآن البياني ألا يعدم باحث دليلاً منه على رأى يرتئيه فيه. وجهة تتضح فيه.
* * *
[* تعقيب ونقد:]
قدمنا حصيلة سريعة لآراء العلماء في الإعجاز القرآني. وقد اقتصرنا فى
هذا البحث على المسائل الرئيسية في هذه المشكلة. وغضضنا الطرف عن كثير من المسائل الجزئية التي وُجدَت في كتب الأقدمين مثل:
بِمَ يقع الإعجاز؟ بالقرآن كله أم بأقل شيء فيهَ؟ ، والإعجاز خاص بالعرب أو شامل لغيرهم من الأمم؟ ، وهل الإعجاز خاص بالقرآن؟ أو شامل لغيره من الكتب السماوية؟ . . . إلى آخر هذه المسائل.
والذي يبدو واضحاً أمام الباحث من الآراء السابقة أن الإعجاز القرآني إنما هو قائم بنظمه وتأليفه بكل ما تحتمل هذه العبارة من مزايا النظم والتأليف. فيدخل فيه اختيار اللفظ للدلالة على معنى معيَّن، ثم موضعه من الجملة. ثم أثره الصوتى الذي يمثل إيقاعاً ينتظم مع غيره فتتكون بذلك ظاهرة الإيقاع الصوتى الذي يمتاز القرآن بها عن سواه.
ويدخل في هذا الاعتبار ما في القرآن من اللمحات البلاغية من مجاز وتشبيه
وتمثيل وكناية وتقديم وتأخير، وفصل ووصل، وإيجاز وإطناب ومساواة، وذكِر وحذف وتوكيد وغير توكيد. . . إلى آخر هذه الفنون.
ولستُ مع الذين ينقصون من قَدْر البلاغة العربية لا في مجال الإعجاز ولا فى
مجال غيره من الأساليب.
فالبلاغة تشريع وتوجيه لصياغة الأسلوب الجميل.
فليس الباقلاني، وفريد وجدى بمنصفين حين أقصيا البلاغة والفصاحة عن ميدان فهم الإعجاز.