وللشعر في دولتهم دولة. وفي حياتهم حياة. وهذه النسبة - كذلك - ترينا
- أحبوا أم كرهوا - ما للقرآن عندهم وفي قرارة أنفسهم من منزلة صغروا
أمامها. ونبأت طعونهم عنها من حيث لا يشعرون.
والخلاصة. . . أن قريشاً حين أرادت أن تنفى عن القرآن كونه وحياً من عند
الله لم تنسبه إلا إلى ما تدين له أنفسهم بالولاء لأنه فوق الطاقة بعزته وغرابته.
وما من شأنه أن يستولى على شعور الناس ويأسر ألبابهم.
* *
[* خاصتان بارزتان:]
فى القرآن خاصتان صوتيتان بارزتان. هما:
الإطلاق والتقييد، أو الإرسال من القيود والتسجيع.
في القرآن إرسال. وفيه سجع. ولا يتنافى هذا مع جلال
القرآن وإعجازه.
لأن إطلاقه فريد لم يأت إلا فيه. وسجعه - كذلك - فريد لم يحظ بشرفه
غيره. هما مخالفان لا يتناوله الناس من قول.
القرآن يلتزم حرف السجع في أكثر من موضعين متجاورين.
وهو أدنى حد للسجع وقد يأتى بالسورة كلها مسجوعة على حرف واحد
خذ - مثلاً - سورة القمر، تجد أنها مسجوعة على حرف الراء من أول آية
فيها حتى آخر آية:
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (٥) . .
إلخ.