الأقسام موفورة التمام وتصحيح المقابلة بمعان متعادلة، وصحة التقسيم باتفاق النظوم وتلخيص الأوصاف بنفى الخلاف، والمبالغة في الرصف بتكرير الوصف.
وتكافؤ المقابلة بالتوازن وإرداف اللواحق وتمثيل المعاني ".
وهكذا تصرف همم هذا الفريق إلى جمال الألفاظ، وجودة السبك، ظناً منهم
أن الأقدمين ذهبوا بالمعاني كلها ولم يتركوا منها ضرعاً لمحتلب. فكان لا بد
من التسابق في ميدان اللفظ وروعة التعبير.
* * *
[* قيمة هذا المذهب:]
ولهذا المذهب خطره في الأدب ونقده. وإن تطرف بعض دعاته كابن خلدون
وقدامة، ذلك لأن الأسلوب أو الأداء اللفظي هو دليل المعنى وآلة البيان،
ولولا الأسلوب ما وقفنا على ما يجول في نفس الأديب من معان وأخيلة
وعواطف وصور أدبية، فليس الأديب تمثالاً صامتاً وإنما هو طائر يغرد،
وتغريده هو الذي يكشف لنا عن عالمه الفسيح. والطعام الطيب إذا قُدَم فى
أوانٍ نفيسة كان أشهى للنفس وأمتع للذوق.
* *
[* نظرة عادلة:]
الرأيان اللذان قدمناهما متقابلان فهما يصنعان مشكلة.
ومن هنا تبدو قيمة رأى فريق ثالث
ويرى هذا الفريق ألا تفرقة في العمل الأدبي ونقده بين معانيه وألفاظه، فهم
- إذن - يسوون بين اللفظ والمعنى، ولكل منهما معايير حسن وجمال، ولكل منهما وظيفة يؤديها لكن ليس منفرداً بل باعتبار ارتباطه بالآخر، فإذا توفرت لهما أوصاف الجمال قدما نموذجاً رائعاً من الأدب يمتع من أي جهة نظر إليه سواء من