وليس يعنينا من قدامة أكثر من هذا فإنه أمسك بالشعاع الذي أشعل فتيلته
ابن المعتز واستطاع أن يوسع دائرة الضوء في نفس الاتجاه.
بَيْدَ أن ما انتهى إليه ابن جعفر لم يكن موضع رضا عند المتأخرين نقاداً
وعلماء، وفضَّلوا عليه ابن المعتز في كل موضع اختلف معه فيه قدامة، ولعل
السر في ذلك أن قدامة قد سلك في كتابه مسلكاً منطقياً جافاً متأثراً بالثقافة
اليونانية القديمة.
* * *
[* ابن طباطبا:]
وجاء بعده ابن طباطبا فوضع كتابه " معيار الشعر " وهو يشرع فيه لصناعة
الشعر، وما ينبغى أن يلم به الشاعر فلا بدَّ له من طبع وذوق، قبل الوقوف
على عروضه. ولا بدَّ من معرفة علمي اللغة والنحو، والوقوت على أيام العرب وشِعرهم ونثرهم وحكمهم وأمثالهم. ولا بدَّ من معرفة مناهج فن الكلام جزله وعذبه. ولا بدَّ من الوقوف على ما يشين الشعر من سخيف الكلام وقبيحه، ولا بدَّ فيه من تمكين القوافى وإصابة الألفاظ مَواضعها.