للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الخاصة هي أن القرآن يُفرِّق بين الكلمتين المتفقتين في المعنى فيستعمل

إحداهما في موضع لا يتعداه. ويستعمل الأخرى في موضع آخر لا يتعداه إلى

موضع الأولى. وهما عند الناس - خاصتهم وعامتهم - تستويان في الدلالة

فلا يجدون بينهما فرقاً.

وقد فطن إلى هذا الملحظ الدقيق في ألفاظ القرآن الجاحظ حيث يقول:

" وقد يستخف الناس ألفاظاً، ويستعملونها وغيرها أحق بذلك منها.

ألا ترى أن الله تبارك وتعالى لم يذكر في القرآن " الجوع " إلا في موضع العقاب أو فى موضع الفقر المدقع. والعجز الظاهر. والناس لا يذكرون السغب. ويذكرون الجوع في حالة القُدرة والسلامة.

وكذلك كلمة " المطر "، لأنك لا تجد القرآن يأتى به إلا في موضع الانتقام

* والعامة وأكثر الخاصة لا يفصلون بين ذكر المطر وذكر الغيث".

ولبيان ذلك نقول:

* الأب ليس والداً؟

خذ كلمتى " والد " و " أب " واستعرض استعمالات الناس لهما تجد أنهما

سواء في الدلالة فهما مترادفتان. فكلا اللفظين يصح إطلاقه على المولود له

" الذكر " فهو أب وهو والد.

فإذا تتبعتَ استعمالات القرآن لهذين اللفظين تجده مخالفاً لما ألفه الناس

وعلمتَ وجه الصواب فيه، والخطأ في غيره.

فالقرآن لم يطلق كلمة " الوالد " على الأب الذكر إذا ذكره منفرداً أو مجموعاً جمعاً مقصوداً به الذكور دون الإناث. بل يطلق عليه أو عليهم كلمتي " الأب " و " الآباء "

ومن ذلك قوله تعالى حكاية عن إخوة يوسف عليه السلام:

(قَالُواْ يَا أبَانَا مَالكَ لَا تَأمَنَّا على يُوسُفَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>