ويعترف عبد القاهر بأنه استقى مذهبه هذا من سييوبه صاحب الكتاب فيقول:
" وهذا الذي ذكرت من أن تقديم ذكر المحدَّث عنه يفيد التنبيه له.
قد ذكره صاحب الكتاب في المفعول إذا قدم فرفع بالابتداء، وبنى الفعل الناصب له عليه وعدى إلى ضميره فشغل به، كقولنا في: ضربت عبد الله. عبد الله ضربته.
فقال: وإنما قلت عبد الله فنبهته له، ثم بنيت عليه الفعل ورفعته بالابتداء ".
*
[* مرجحات رأي:]
ثم يقول: " ويشهد لما قلنا من أن تقديم المحدث عنه يمتضى تأكيد الخبر
وتحقيقه، أنَّا إذا تأملنا وجدنا هذا الضرب من الكلام يجيء:
١ - فيما سبق فيه إنكار من منكر مثل قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ عَلى الله
الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلمُونَ) .
٢ - وفيما اعترض فيه شك. نحو أن يقول الرجل: كأنك لا تعلم ما صنع
فلان؟ فتقول: أنا أعلم.
٣ - أو في تكذيب مدع. كقوله تعالى: (وَإذَا جَاءُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَقَدْ
دَّخَلواْ بِالكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ) .
٤ - أو فيما القياس في مثله ألا يكون كقوله تعالى: (وَاتخَذُواْ من
دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلقُونَ) .
٥ - وفيما يكون على خلاف العادة. كقولك: ألا تعجب من فلان، يدعى
العظيم وهو يعيى باليسير. ويزعم أنه شجاع وهو يفزع من أدنى شيء.