والقرآن الكريم. ورد فيه النوعان: المتماثل الحروف، والتقارب. وكلاهما
فيه من المحمود ويمثل لذلك بمطالع السور: الطور - طه - العاديات - الفجر - القمر - ويعقب على ذلك بقوله: " وكل أولئك جائز أن يسمى سجعاً لأن فيه معنى السجع ولا مانع في الشرع يمنع ذلك "، ويمثل للمتقارب بأم الكتاب. و " ق "، ويقول: " مثل ذلك لا يسمى سجعاً لأن حروفه غير متماثلة ".
٣ - خطأ الرماني في قوله: " الفواصل بلاغة والسجع عيب " لأنه إن أراد
بالسجع ما يكون تابعاً للمعنى وكان غير مقصود. فذلك بلاغة والفواصل مثله، وإن كان يريد بالسجع ما تقع المعاني تابعة له، وهو مقصود متكلف. فذلك عيب والفواصل مثله.
٤ - ويرد على شُبهة تنزيه القرآن عما سواه فيقول: " وهذا غرض فى
التسمية قريب، فأما الحقيقة فما ذكرناه لا فرق بين مشاركة بعض القرآن لغيره فى كونه عرضاً وصوتاً وحروفاً وكلاماً عريياً ومؤلفاً.
وهذا مما لا يخفى فلا يحتاج إلى زيادة في البيان ".
ومما يؤيد به المجيزون مذهبهم فوق ما ذكر. أن السجع من الفنون التي يبين
بها فضل الكلام ويقع لها التفاضل في البيان والفصاحة. كالجناس. والالتفات
ونحوهما من الفنون البلاغية التي هي محل اتفاق من حيث ورودها فيه.
فكما جاز ورود هذه الفنون فيه جاز ورود السجع.
* *
[* دليل السجع من القرآن نفسه:]
ثم لجأوا إلى القرآن نفسه يستخرجون منه أمثلة تدعم فكرتهم.
منها أن القرآن ورد فيه تقديم موسى على هارون في موضع، وفي آخر قُدِّمَ هارون على موسى.