عاشراً - سهولته وامتناعه، وفي ذلك يقول: " إنه سهل سبيله، فهو خارج
عن الوحشى المستكره، والغريب المستنكَر، وعن الصفة التكلفة، وجعله قريباً إلى الأفهام يبادر معناه لفظه إلى القلب ويسابق المغزى منه العبارة إلى النفس، وهو مع ذلك ممتنع الطلب عزيز المنال ".
* * *
[* وقفة مع الباقلاني:]
هذه نقول موجزة للوجوه التي بلغت عشراً عند الباقلاني اختص أسلوب القرآن بها عما سواه. وبها - عنده - وقع الإعجاز.
وقد أطال المؤلف في شرح هذه الوجوه واستطرد في ذكر الشواهد استطرادا أخذَ عليه. لكنه ناقد ثاقب الفكرة
قد يشفع له حُسن تحليَله للنصوص، وغوصه
وَراء أسرار التعبير، مما وقع فيه من إطالة واستطراد.
وقد رأينا تداخل بعض الوجوه التي ذكرها بعضها مع بعض.
ويمتاز منهج الباقلاني في أنه يتخذ من وحدة العمل النظمى أساساً لدراسته
فهو لم يعتبر الآية المفردة - بله الجملة - موضعاً للإعجاز، أو ظهور الروعة
البيانية فيها، فإعجاز القرآن عنده يبدأ بالسورة المتكاملة، لأنها وحدة كملت لها عناصر وحدة الفكرة والشكل، وينتهى بالقرآن كله من حيث نفى الإعجاز عن الآية الواحدة وما دونها ويبدو عنده الإعجاز أكثر وضوحاً وتألقاً.
وليس بلازم - فيما نرى - أن هذه الطريقة تقلل من قيمة الإعجاز المفهوم من الكلمة الواحدة في موضعها من الآية وفي موضعها من السورة.
ولا شك أن خصائص العمل الفنى تكون أظهر وضوحاً في الوحدة الكاملة:
القصيدة في الشعر، والقصة في النثر، والسورة في القرآن.
ومن هنا اكتسب منهج الباقلاني عمقاً وأصالة إذ هو يقوم بدور الوسيط بين
النص وقارئه.