أقول باختصار - وقد سبق الحديث عن هذين الموضعين -: إن في هذا التعبير تعريضاً بهم في الموضعين، وفيه كذلك مبالغة في وصفهم بالعمى.
أما التعريض. . فلأنهم يدركون أن الأنباء لا تعمى، ويقياس سهل،
يدركون أن الأعمى إنما هم لأنهم هم الذين لم يروها، والبينة أو الرحمة لا تعمى، وبنفس القياس السهل يدركون أن الذي أعماه جهله إنما هو هم، لأنهم لم يفقهوا البينة أو الرحمة وقد فقهها آخرون.
وهذا هو جانب التعريض في التعبير. .
أما المبالغة: فإن وصفهم بالعمى قد فاق حد التصور حتى عَم المكان الذى
هم فيه، وحتى أصاب ما من شأنه ألا يعمى بالعمى، لزيادته على كل حد
معهود وقدر معروف.
[* وضوح المناسبة:]
سادساً: ويمتاز المجاز القرآني بوضوح المناسبة بين المستعار منه وبين المستعار
فى المجاز الإفرادى والمجاز التركيبى، وقوة الصلة بين الصور المكنى بها وما تدل
عليه من معان كنائية. كما يمتاز بالإبداع والجزالة، وأنه قد منح الجمادات
حياة، والمعاني حدوداً وأبعاداً ومساحات، وأمثلة ذلك كثيرة.
*
[* الذوق في القرآن:]
سابعاً: أن المجاز القرآني يجمع بين الأضداد وما هو كالأضداد، ويؤلف بين
المتباعدات والمتباينات، فلا تحس مع ذلك غرابة في الأسلوب ولا ضعفاً فى
المعنى.
ولنأخذ لذلك استعارة واحدة لنرى ما انتظمته من أجناس وأنواع، وهذه