- أمام فاصلة لم تقف في تكرارها عند حد المرات الثلاث. بل تعدت ذلك
بكثير. لذلك آثرنا أن نبحثها هنا إذ هي بهذا الموضع أنسب. .
ونعتمد في دراستنا لتكرار الفاصلة على ثلاث سور هي: " الرحمن - القمر
- المرسلات "، وهي السور التي برزت فيها هذه الظاهرة الأسلوبية. بشكل لم يبد في غيرها، كما ورد فيها.
فقد تكررت: (فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) في " الرحمن ".
وتكررت (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابىَ وَنُذُرِ) في " القمر ". وتكررت:
(وَيْل يَوْمئِذ للمُكَذبِينَ) في " المرسلات ".
[* تكرار الفاصلة في " القمر ":]
ولهذا التكرار في المواضع الثلاثة أسباب ومقتضيات.
ففى سورة " القمر " نجد العبارة المكررة وهي: (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُر)
قد صاحبت فى كل موضع من مواضع تكرارها قصة عجيبة الشأن، وكان أولَ موضع ذكِرت فيه عقب قصة قوم نوح. وبعد أن صوَّر القرآن مظاهر الصراع بينهم وبين نوح عليه السلام ثم انتصار الله لنوح عليهم.
حيث سلط عليهم الطوفان. فأغرقهم إلا مَن آمن وعصمه الله.
ونجد أن الله نجَّى نوحاً وتابعيه. ولكن تبقى هذه القصة موضع عظة وادكار.
ولتلفت إليها الأنظار وللتهويل من شأنها جاء قوله تعالى عقبها: (فَكَيْفَ
كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ) مُصدراً باسم الاستفهام " كيف " للتعجيب مما كان،
ولقد مهَّد لهذا التعجيب بالآية السابقة عليه. وهي قوله تعالى: (وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) ؟.