من حيث الصناعة النحوية فإن فيها حذفاً في مواضع لا أظن أن المؤلف
يخالفنا فيها، وتلك المواضع هي: حذف معمول " يأمر " - حذف معمول
المصدر "إيتاء " - حذف معمول " ينهى " - حذف معمول " تذكرون ".
هذه المحذوفات وإن كانت كثيرة في الأسلوب القرآني، فإنها تنقل الآية من
شاهد المساواة إلى شاهد الإيجاز بالحذف.
ومن ناحية دلالة الكلمات أنفسها. . فإن " العدل " تحته أفراد.
وكذلك " الإحسان " و " الفحشاء " تحتهما أفراد. وكذلك " المنكر "
و" البغى "، فهذه أسماء جوامع دالة على كثير وهذا ينقل الآية من شاهد المساواة إلى شاهد الإيجاز بالقصر.
* *
[* ابن أبى الإصبع يناقض نفسه]
وكلام ابن أبى الإصبع نفسه دليل على أن الآية فيها إيجاز قصر حيث يقول:
" إن الله سبحانه أراد أن يأمر بجميع المحاسن المنجيات الممدوحات.
وينهى عن جميع الموبقات المذمومات "، فكيف يستقيم بعد أن يقال إن الآية من قبيل المساواة؟
ومن شواهد المساواة أيضاً - حسبما ذكروه - قوله تعالى:
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٤) .
وهذه الآية كأختها شاهد إيجاز وليست شاهد مساواة.
وإنى لأعجب لابن أبى الإصبع إذ أورد هذه الآية في باب المساواة وهو نفسه
يعلِّق عليها تعليقاً واضحاً بأنها من باب الإيجاز، فهو يقول: " فإنه سبحانه