للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسر التقديم في النوع الثاني ظاهر. فقوله تعالى: " عليكم شهيداً "

في البقرة أفاد فيه تقديم الجار والمجرور: " عليكم " تخصيص شهادة الرسول على الأمة دون ما غيرها من الأمم.

*

[* ماذا قال المفسرون:]

وقد قال المفسرون إن المراد بشهادة الرسول - هنا - على الأمة شهادة

لها بالعدالة والتزكية، لأن الله قد وصف الأمة بقوله " وَسَطاً " أي خياراً

عدولاً، وعلى هذا فإن محمداً - صلى الله عليه وسلم - لا يزكى غير أمته لقيام هذه الأمة مقام الشاهد على جميع الأمم.

وهذا الفهم الذي فهمه المفسرون من شهادة الرسول على الأمة. يفيدنا إلى

أبعد مدى في فهم السر في النوع الأول الذي يصوره هذا السؤال.

[* سؤال وجواب:]

لماذا قُدمت شهادة الأمة على شهادة الرسول في البقرة وعكس الأمر فى

الحج؟

والجواب: إن الكلام في سورة البقرة مسوق لتقرير عدالة الأمة، وكونها

شاهدة على الأمم. أما شهادة الرسول عليها فهى تزكية لها لقبول شهادتها،

والتزكية تكون بعد أداء الشهادة نفسها.

إذ هي أصل. والتزكية تابعة لها.

ولولا ذلك لما قُدمت شهادة الأمة على شهادة الرسول.

لتباين المنزلتين.

ووجه آخر للتقديم أن يقال إن الخطاب أصلاً مؤجه إلى الأمة:

(وكَذَلكَ جَعَلنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلى الناسِ) .

وظاهر أن " لَام التعليل " داخلة على مَا من أجله كان الجعل.

فتقديم شهادة الأمة على شهادة الرسول أمر اقتضاه حُسن النظم، وتلاؤم المعنى. . هذا في البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>