[* إجمال:]
هذا تصريف القرآن في القول بحسب المقام. ولكل مقام مقال، فترى كل
لفظة وقعت موقعها. بحسب السياق.
وبحسب ما يناسب كل حالة من حالات المخاطبين.
فما من موضع مما ذكرنا نلمس فيه مداهنة أو ليونة. أو تقصيراً
فى أي جانب من جوانب القول. قوة وفخامة في الألفاظ. ورهبة وعنفاً فى
المعاني. لذلك كان الكافرون يرهبون سماعه ويصدون عنه صدوداً.
ويفرون منه كما تفر الحُمُر من رميات السهام. ألم يحك عنهم القرآن قولهم: (لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) .
أوَ لم يضع الوليد بن المغيرة يده على فم الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليكف عن القراءة رهبة منه حين سمعه يتلو قوله تعالى: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣) .
وهو يقول: بحسبك يابن أخى.
هذا لما كانوا يرونه فيه من آيات النذر المؤثر، والوعيد المخيف.
ولو تأملنا ما نزل من القرآن بمكة، موطن الصدود والتحدى لوجدناه حافلاً بهذا اللون من التعبير.
خاصة في قصار سوره ومتوسطها.
* *
[* الترغيب:]
فإذا خرج القرآن عن مقامات التهديد والوعيد، والتحدى والهجاء.
إلى الترغيب والتوجيه أو العتاب والتنبيه.
فإن له مسلكاً غير هذا المسلك. وسبيلاً غير تلك السبيل.
فانظر إليه في مقام الترغيب كيف يقول: