والأساس الذي يمكن صحة هذا الاعتبار عليه هو كونه ابتدأ هذا النوع
بما علاقته الذكورة. والذكورة مقدمة على الأنوثة في هذا النظم. لذلك أرى
جعله نوعاً مستقلاً جرى فيه النظم على المنهج المألوف.
الثالث: أن النظم الكريم حين تحدث عن أصل الزوجة - وهي الأم - ناسب
ذلك الحديث عن فرعها. وهي البنت، حتى لا يكون الكلام مقطوعاً حيث يجب اتصاله لو أقحم حليلة الابن بينهما. وحين أخرت الحليلة جاء النظم دقيقاً محكماً.
والظاهر أن أقوى هذه الوجوه هو الوجه الأول، يليه الثاني، ثم الثالث
فالترتيب بينها نزولى.
وأياً كان التوجيه فإننا نرى في هذه الآية إعجازاً في الأسلوب ودقة فى
النظم. قد وضح لنا وجه الحكمة فيها.
ونذكر فيما يلى نصين لرجلين تباينت عصورهما، والتقت أفكارهما فيما للقرآن من قوة السبك وروعة البناء وإحكام
الروابط بين مفرداته وجمله. أولهما: للقاضي أبى بكر الباقلاني معقباً على
الآية التي درسناها من عدة زوايا.
[* الباقلاني وبلاغة القرآن:]
يقول الباقلاني: ". . . والكلام في ذكر حكم هذه الآية وفوائدها يطول.
ولم نضع كتابنا لهذا، وسبيل هذا أن نذكره في كتاب " معاني القرآن "
إن سهَّل الله دنا ملاءه وجمعه. فلم تنفك هذه الآية من الحكم التي تخلف حكم الإعجاز والتأليف والفائدة التي تنوب مناب العدول عن البراعة في وجه الترصيف
. . ثم في جملة الآيات ما إن لم تراع البديع البليغ في الكلمات الأفراد والألفاظ
الآحاد. فقد تجد ذلك مع تركيب الكلمتين والثلاث.
ويطرد ذلك في الخروج والابتداء والفواصل، وما يقع بين الفاتحة والخاتمة من الواسطة أو باجتماع ذلك، أو في بعض ذلك مما يخلف الإبداع في أفراد الكلمات ".