أما ترتيب الفاعيل فيما بينها فقيل: الأصل تقديم المفعول المطلق، ثم
المفعول به بلا واسطة حرف الجر، ثم ما كان بواسطة.
ثم المفعول فيه: الزمان فالمكان. ثم المفعول لأجله. ثم المفعول معه، والأصل - كذلك - أن يذكر الحال عقيب صاحبه والتابع عقيب المتبوع من غير فاصل.
وعند اجتماع التوابع فالأصل تقديم النعت ثم التأكيد ثم البدل ثم البيان.
[* ملاحظة:]
١ - أرى أن هذا الترتيب من باب الفرض والتقدير، لأن الأساليب لا تكاد
تجتمع فيها هذه المعمولات في موضع واحد.
كما أنه يبدو كمنهج القواعد الجافة، والأفضل - بلاغة - أن يخضع التقديم والتأخير فيها لنفس الاعتبارات التي رأوها في المسند إليه والمسند.
٢ - أو لأن ذكره أهم. وذلك حسب اعتناء المتكلم أو السامع.
وهذا الاعتبار يغنى عن الترتيب الذي ذكرناه آنفاً.
وقد مثلوا لذلك بقولهم: " قتل الخارجي فلان "
لأن قتل الخارجى هو الأهم لا مَن قتله.
وكأن يقال: قتل اللصَّ شرطيٌّ فإن خشية الناس من اللص تجعل نبأ قتله عندهم هو المطلوب لا مَن باشر القتل.
٣ - وإما لأن في التأخير إخلالاً بالمعنى. . ومثلوا له بقوله تعالى:
(وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) .
فلو أخر " مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ " عن " يَكْتُمُ إِيمَانَهُ " لوَقع في الوهم أنه صلة.
فلم يفهم أن ذلك الرجل من آل فرعون وهو المطلوب.
فقد ذكرت الآية للرجل ثلاثة أوصاف. فقدم الإيمان، لأنه أشرفها. .
وأُخر " يَكْتُمُ إِيمَانَهُ " لأن في تقدمه على الثاني خللا بالمعنى وهذا توجيه سديد ليس عليه اعتراض.