[* رأيي في الموضوع:]
والذي أراه - بعد طول تأمل - أن الأمر ينكشف إذا وقفنا على حال منكرى البعث النفسية لحظة نطقهم بكل من العبارتين.
كما حكاهما عنهم القرآن.
والمرجع في ذلك إلى القرآن نفسه.
فقد ذكر القرآن قبل الآية الأولى - أعنى آية النمل - قوله تعالى:
(أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ)
فصيرورتهم تراباً أبعدت عندهم احتمَال وقوع البعث.
إذ أصَبحوا في طور مغاير لما كانوا عليه في الحياة.
كذلك فإنهم هنا طووا ذكر الموت الذي يُشعر بسبق الحياة.
واكتفوا بقولهم: " كنا تراباً " فكان - على زعمهم - حرياً بالإنكار والاستغراب.
لذلك قُدِّم اسم الإشارة الدالة عليه لكونه محل إنكارهم القوى فصار عندهم أسرع حضوراً فى الذهن. فهو من هنا كان أهم بالإنكار فقُدِّم.
أما في آية " المؤمنون ". . ففد ذكر القرآن الحكيم قبل مقولتهم قوله تعالى:
(بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (٨١) قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٨٣) .
فقد أقرُّوا - هنا - بالموت. فهم إذن قد سبقت لهم حياة. ثم ذكروا
صيرورتهم تراباً وعظاماً. والعظام أثر باق من آثار الحياة التي كانوا يحيونها.
فهم لم يتحولوا إلى طور مغاير تماماً لما كانوا عليه في الحياة. لذكر العظام.
وهذا أضعف من درجة الإنكار عندهم لوجود العظام ولتقدم ذكر الموت المنبئ بمَقدم الحياة. وهذا الضعف في درجة الإنكار كان سبباً - والله أعلم - فى تقديم: " نحن وآباؤنا " وتأخير هذا لأنه موضع الاستغراب والإنكار.
*