وقوله تعالى: (أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) . حيث أرجعنا الحذف فيه إلى
عامل نفسي كذلك هو الرهبة والإجلال والطمع في غير مطمع.
والبلاغيون يعدونه - كذلك - من مجرد الاختصار.
ومثل ما ذكرناه من توجيه الحذف في قوله تعالى: (مَا وَدعَكَ رَبكَ
وَمَا قَلى) . من أن حذف المفعول فيه كراهية مواجهة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه موضع قلى من الله. . أو للإشعَار بمنزلته عند الله
فلذلك لم يوقع على ضميره فعل مكَروه، والمجال - بعد - مفتوح أمام النظر العميق الفاحص. وهذا مورد لا ينضب.
ثانياً: أن كل موضع حُذفَ فيه منه شيء فالحذف فيه أبلغ من الذِكر من حيث المعنى فليس في القرآن حذف ألبس أو أخل كقول الشاعر:
والعَيشُ خَيْرٌ فِى ظِلالِ. . . النَوْكِ مِمنَ عَاشَ كَدَّا
حيث حذف فألبس وأخل، وظل لفظه دون معناه.
لأن مراده العيش الناعم ولذلك عابره وحكموا بقصوره.
* *
[* شهادة عدلين:]
وأكاد أجزم أن عبد القاهر حينما قال: " ما من اسم حُذفَ في الحالة التى
ينبفى أن يُحذف فيها إلا وحذفه أحسن من ذكره ".
إنما كان يعني الحذف في القرآن على أن يُحمل كلامه على جميع صور
الحذف، سواء أكان المحذوف اسماً، أو فعلاً، أو حرفاً، أو جملة، أو أكثر
من جملة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute