للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى هذا النص يسوق القاضي ثلاث حقائق:

أولاها: أن هذه الآية مليئة بالحكم وليس كتابه " الإعجاز " موضعاً

لتقصيها، بل موضعها كتاب في عزمه أن يضع أصوله إن سهَّل لله.

ثانيها: أن القرآن في بعض المواضع لا يستعير، ولا يُشبِّه، ولا يستخدم

شيئاً من البديع في الكلمات المفردة، وليس معنى هذا خلو هذه المواضع من

الإعجاز.

ثالثها: بل يكون فيها ما يخلف بلاغة الكلمات المفردة، ويؤدى مؤداها فى

ثبوت الإعجاز لا فيه من الحكم والدقائق والأسرار - مثل الآية المتقدمة - فقد حفلت بدقائق النظم، وقوة التأليف الذي يقوم مقام وجوه البلاغة الظاهرة.

*

[* الرافعي وبلاغة القرآن:]

والنص الثاني للناقد الأديب مصطفى صادق الرافعي. يقول فيه:

" ومن أظهر الفروق بين أنواع البلاغة في القرآن، وبين كلام البلغاء.

أن نظم القرآن يقتضي كل ما فيه منها اقتضاءً طبيعياً. بحيث يبنى هو عليها. لأنها فى أصل تركيبه، ولا تبنى هي عليه.

فليست فيه استعارة ولا مجاز ولا كناية ولا شيء من مثل هذا يصح في الجواز، أو فيما يسعه الإمكان أن يصلح غيره

فى موضعه إذا تبدلته منه، فضلاً عن أن يفى به، وفضلاً عن أي يربى عليه.

ولو أدرت اللغة كلها على هذا الوضع ".

وهنا - كذلك - ثلاث حقائق هامة:

أولاً: أن بلاغة القرآن ليست مستجلبة مقسورة في مواضعها. بل هي من

روح التعبير نفسه، لا مارقة عنه، ولا غريبة فيه. خالية من كل مظاهر

التكلف البغيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>