ثانياً: بهذا يفارق القرآن كلام البلغاء.
فهم إن أحسنوا في موضع أساءوا فى آخر، وإن قوى أسلوبهم في حالة ضعف في حالات.
فما من أديب بارع إلا أنت واجد فيما يقول ما هو له، وما هو عليه.
وليس كذلك القرآن فهو سامٍ فى كل مواضعه.
ثالثاً: إنك لو ذهبت تضع لفظاً في القرآن بدل لفظ طلبت محالاً إن زعمتَ أن ما وضعته ساد مسد ما رفعت، أو زائد عليه.
ولو خدمتك اللغة بكل ما فيها من أدوات التعبير وقوانين الجمال.
فالرجلان ينهلان من معين واحد.
وإن اختلفت لدى كل منهما ملامح الفكرة
واختلفت - كذلك - طرق الصياغة. فالهدف واحد.
هو أن القرآن معجز بأسلوبه وطرق نظمه، مباين لكلام البلغاء، لا فرق فيه بين مجاز وحقيقة، وتفصيل وإجمال.
* *
ثالثاً - في مقالات اليهود:
والمثال الثالث نذكره ملخصاً من كتاب " النبأ العظيم " وضع الأستاذ
الدكتور محمد عبد الله دراز - رحمه الله - فإن فيه علامات ناطقة وآيات حق
شاهدة على روعة النظم القرآني. وإحكام الربط بين كلماته ومعانيه.
وقد أدار الباحث تحليله حول هذه الآية الكريمة:
(وَإذَا قيلَ لهُمْ آمِنُواْ بمَا أنزَلَ اللهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩١) .