وقد تناول القرآن هذه الحواس الثلاث:" القلوب - الأسماع - الأبصار "
عند حديثه عن الكافرين في أساليب متنوعة. ومواضع مختلفة تفيد فى
جملتها: أن وجود هذه الوسائل لانعدام أثرها النافع فيهم كعدم وجودها.
وكثرت في هذه الأساليب استعارة " ختم " للدلالة على هذا المعنى.
قال في الجاثية:(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً) .
* * *
[* مقارنة سريعة:]
ولنا أن نقارن بين صورة المجاز في هذه الآية. وبين صوره في آية " البقرة ".
فالحال هنا هو الحال هناك: كفر وعناد، وهناك ختم على القلوب والأسماع، وغشاوة على الأبصار، وهنا - كذلك ختم وغشاوة. فالآيتان متفقتان في رسم الإطار العام للمعنى مختلفتان في دقائق التعبير.
ففى آية " البقرة " القلوب مقدمة على السمع. وهنا السمع مقدم على
القلب. وهنا أيضاً تصريح بنسبة جعل الغشاوة على البصر، وهناك ترك لذلك التصريح اكتفاءً بذكر الجار والمجرور.
فما السر إذن؟
لعل السر في ذلك أن في آية " البقرة " مجرد إخبار عن حال الكافرين عامة
فهم لا تثمر فيهم بشارة ولا يخيفهم إنذار. .
من أجل ذلك لم يهئ الله لهم أسباب الهداية. لعدم استعدادهم لذلك.