ثانياً: إذا لم يكن ذلك الحديث مباشراً. فإنه يأتى في غضون السورة مبيناً
فضل القرآن وأثره. ومنتصراً له على سواه، ولذلك يطرد هذا الملحظ في التسع والعشرين سورة التي جاءت فواتحها حروفاً مقطعة.
٣ - أن هذا الرأي أبعد ما يكون عن النقد فضلا عن لياقته بجلال القرآن.
ووجوه الإعجاز البياني فيه.
٤ - أن الزمخشري - وهو خبير بنقد الأساليب وجهات الجمال والقبح فيها - يُرجح هذا الرأي ويقويها ويورد في ذلك كلاماً حسناً. إذ يرى أن مجموع
الحروف التي بدئت بها هذه السورة يبلغ أربعة عشر حرفاً.
وهي نصف حروف المعجم. كما تحتوي هذه الحروف على لطيفة أخرى -. هي أنها تشتمل على أنصاف أنواع الحروف: المجهورة. . . والمهموسة، والشديدة، والمستعلية. .
ويعلق على هذا فيقول: " فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته وهو
المطابق للطائف التنزيل واختصاراته فكأن الله - عَزَّ اسمه - عدَّد على العرب
الألفاظ التي منها تركيب الكلام.
إشارة إلى ما ذكرت من التبكيت لهم وإلزام الحُجة إياهم ".
ويقول أيضاً: " وهذا القول من الخلاقة والقبول بمكان ".
٥ - ولعل مما يقوى هذا الرأي أنه يلتقى مع غيره من الآراء. إذ لا مانع أن
تؤدى هذه الحروف - بالإضافة إلى معنى التحدى - معنى آخر مما ذكروه
كالتنغيم الصوتى والدلالة على ورودها أكثر من غيرها.
* *
[* تمثيل وإيضاح:]
هذه خلاصة ما قيل في هذا الأصل من الفواتح. . وخلاصة ما أراه فيها
كذلك. ومثله عندى كمثل صانع ماهر. أعدَّ مواد مما يراه الصانعون ويألفونه