للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنا تستريح النفس من عناء رحلة بهرت الأنفاس. ولكنها استراحة " ليست

بالطويلة " فهى على موعد مع رحلة طويلة أخرى تبتدئها من هنا. رحلة من

رحلات الكون ليس المقطوع فيها مسافة أرض بل وحدات زمن وتجدد ظواهر:

(فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) . . . . .) .

هاتان رحلتان، أولاهما أطول من الثانية، وبين الرحلتين نسب وثيق وعرى

محكمة.

فالسورة كلها مسوقة لبيان وتقرير حقيقتين كبيرتين. وهما:

أولاً: وقوف الإنسان على حقيقة أمره يوم القيامة.

ثانياً: وصف القرآن بما هو حقيق به من أوصاف الكمال. وكل من هاتين

الحقيقتين ذكِرَ معها ما يمهد لها ويناسبها.

ففى جانب الحقيقة الأولى أديت المعاني المقصودة منها بشرط (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) ، ثم تتابعت نظائره وأشباهه حتى بلغت اثنتى عشرة صورة من صور

البعث. وبلغت الوحدات في هذا الجزء من السورة أربع عشرة وحدة محسوباً فى ذلك جواب الشرط، والوحدة اللاحقة بالحديث عن الموؤدة.

وكل هذه الصور من مشاهد القيامة وأهوالها.

وكلها آيات دالة على قُدرة الله الفائقة.

* * *

[* سر الحروف الساكنة:]

وانتهت فواصل الآيات بالتاء الساكنة. وهي من الحروف المهموسة،

وتساوت الوحدات الصوتية فصارت كالأنغام الموسيقية سريعة الحركة لاهثة

الإيقاع تشترك بتصوبرها الصوتى في تجسيم المشهد وتمثيله للخيال.

<<  <  ج: ص:  >  >>