فقد يكون المعنى: أن الله يرزق مَنْ يشاء من عباده دون أن يحاسبه أحد لماذا
رزقه؟ لأنه يعطى عن حرية تامة.
وقد يكون المعنى: أن الله يرزق مَنْ يشاء بغير محاسبة لنفسه، خشية نفاد
ما بيديه لأنه غني.
وقد يكون المعنى: أن الله يرزق مَن يشاء، حيث لا يكون في حسبان
المرزوق جهة وكيفية الأرزاق، لأن ذلك قد اختص الله به.
وقد يكون المعنى: أن الله يرزق مَن يشاء بغير معاقبة أو محاسبة له على
عمله لأنه يغفر لمن يشاء، ويعذب مَن يشاء لا معقب لحكمه.
وقد يكون المعنى: أن الله يرزق مَن يشاء رزقاً كثيراً، لا يدخل تحت
حساب أو حصر.
هذه خمسة معان احتملتها هذه الكلمة الجامعة لا يشذ واحد منها عن
طبيعتها وإن بدا بينها - أي المعاني - التباين في الأرجحية والمرجوحية.
فأقواها فيما يبدو: الرزق الكثير، وأقلها قوة - فيما يبدو كذلك - أن يترك الله حسابه ومعاقبته إذ لا ضرورة تقتضيه، هو وجه محتمل فقط.
* *
[* الجمل والفقرات:]
ذلك شأن مفرداته. أما شأن تراكيبه فعجب عاجب.
ومن ذلك قوله تعالى:
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٢١) .
فقد حَكى الزمخشري في بيان قوله تعالى: (سَوَاء فحْيَاهُمْ) ثلاثة آراء:
الأول: إنكار أن يستوى المسيئون والمحسنون محياً، وأن يستووا مماتاً،
لافتراق أحوالهم.