وهذا أمر لا يحتاج إلى دليل، فالقرآن - نفسه - شاهد صدق.
وآياته تفيض بالبيان الرفيع في كل حين بإذن ربها.
فقد بهر العرب وتحداهم فحاولوا.
وحاولوا فعجزوا واعترفوا بأنه ليس من عمل بَشر.
فقد سمع الوليد بن المغيرة - أحد خصوم الرسول الألداء - الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقرأ صدر سورة " فصلت " فأعجب بها أيما إعجاب.
ثم قال: " والله لقد سمعتُ من محمد كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن. وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق ".
وكان من أبرز الملاحظات التي أثارها القرآن تشبيهه طلع " شجرة الزقوم "
برءوس الشياطين، وهي ليست معروفة عندهم.
وكانت هذه الملاحظة سبباً فى وضع أبى عبيدة كتابه " مجاز القرآن ".
وأسهمت أحاديث الرسول عليه السلام في تطور الملاحظات البلاغية لأنه -
عليه السلام - كان بليغاً فصيحاً - هو كما يقول الجاحظ: " لم ينطق إلا عن
ميراث حكمة، ولم يتكلم إلا بكلام قد حُفَّ بالعصمة، وهو الكلام الذي ألقى الله عليه المحبة، وغشَّاه بالقبول، وجمع له بين المهابة والحلاوة.
وبين حسن الإفهام وقلة عدد الكلام. مع استغنائه عن إعادته.
وقلة حاجة السامع إلى معاودته ".
وكانت خطب الصحابة، مثل أبى بكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم، والأمثال والحكم المأثورة عنهم وعن غيرهم نماذج رائعة للأسلوب البليغ فحفظها الناس وروتها الأجيال.
* * *
[* العصر الأموي:]
وجاء العصر الأموى وهو عصر كان طابعه العام الفتن السياسية التي مزقت
أوصال الأمة وفرقتها شيعاً وأحزاباً. . شيعة وزبيريين، وأمويين وخوارج،
وأعادت العصبية العربية إلى الوجود مرة أخرى، وكانت ملاحظات هذا العصر