وحرف السجع في النوعين قد يلتزم معه حرف آخر يزيد به الإيقاع
وضوحاً. والنظر في النص كان لإدراك هذا الملحظ.
كذلك فإن كلمات السجع قد تتساوى في الوزن من حيث عدد الحروف
والحركات والسكنات، ولعل السر في الفصل بين هاتين المجموعتين المسجوعتين بالفاصلة " طعامه " مع آيتها لأن هذه الآية رأس موضوع جديد وإجمال مشوق أعقبه تفصيل حكيم: (فَليَنظرِ الإنسَانُ إلى طعَامِهِ) ؟
هذه إثارة وتهيئة للشعور حتى يخلو من كل شاغل يلهيه عن تقرير واستيعاب
شرح هذه الفكرة.
[* مراحل إعداد الطعام:]
وقد صدرت هذه الإثارة بلام الأمر ولفت الأنظار لفتاً قوياً إلى الطعام الذى
هو عند الإنسان قوام حياته وضسان أمنه وعدة مستقبله.
فهذا التباين في المعنى حمل - والله أعلم - على التباين في اللفظ.
ثم جاءت الآيات تترى واحدة إثر أخرى تبين مراحل إعداد الطعام.
بادئة بالمرحلة الأم: (أَنا صبَبْنَا الماءَ صَباً) والتعبير ب " الصب " موح
بكثرة الماء النازل من السماء لتحيا به الأرض وتنبت من كل زوج بهيج.
ثم ثنت بالمرحلة الثانية: (ثُم شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقَاً) والتعبير بحرف العطف
" ثم " دون غيره من حروف العطف صنع حكيم؛ لأن انشقاق الأرض بالنبات لا يكون عقب صب الماء مباشرة بل هناك زمن فاصل بين المرحلتين فجاءت " ثم " لإفادة الترتيب مع التراخى اللازم.
ثم كانت المرحل الثالثة: (فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَباً) وبين هذه المراحل الثلاث
ترتيب في الوجود كما رتبت في الأسلوب.