ومثال ما دل على حذفه العُرف الشرعي دون اللغوي قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) .
بنصب: "أرجَلكم ".
فـ " أرجلكم " معمول لفعل محذوف تقديره: واغسلوا أرجلكم.
فالذي دَلَّ على الحذف وتعيين المحذوف - هنا - هو الشرع.
لأنه أفاد أن الرِجل فى الوضوء تُغسل ولا تُمسح كما يُمسح الرأس.
فلذلك لم يصح عطفاً على " رءوسكم " لئلا تشترك معها في الحكم وهو فاسد كما ترى.
ولم تُعطف على " وجوه " للفصل بين المتعاطفين.
ولعل السبب إخراج الأعمال التي يقوم بها المتوضئ مخرج اليُسر والسهولة
فكان الحذف من أجل ذلك.
* *
[* الحذف للتحذير والإغراء:]
وقد يُحذف الفعل لإرادة التحذير أو الإغراء.
فمثال الأول قوله تعالى: (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا) .
أى: احذروا، فحذف الفعل لما ذكر. وللاختصار - مع كثرة المعنى
ومثال الثاني قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) .
فحذف الفعل والتقدير: الزموا، وعوض عنه اسم الفعل " عليكم ".
وقوله تعالى: (انتَهُواْ خَيْراً لكُمْ) .