[* سبب الحذف هنا:]
ذلك هو الدليل. . فما هو السبب؟
إنه حذف لإرادة التأكيد المستفاد من تكرار الإسناد. فالفعل في قوله تعالى:
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) قد أُسند إلى الفاعل مرتين. مرة - محذوفاً - إلى
الظاهر " الشمس " ومرة - مذكوراً - ضمير الفاعل " هي ".
فكأنه قال: إذا كُوِّرَتْ الشمس كُوِّرَتْ الشمس. . والمقام في كُل يقتضي
التوكيد لغرابة الأفعال والظواهر المدلول عليها. لأن الناس لم يشهدوا مثلها من قبل. ولن يشهدوا ذلك إلا مرة واحدة يوم البعث.
وفضلاً عن غرابتها في نفسها ومخالفتها للسنن المعهود - فإنها تتصل
بقضية البعث اتصالاً مباشراً، والبعث كان - كما نعلم - مثار جدل ومبعث
إنكار والمناسب له التوكيد والتقرير.
وكان ذلك هو ما فعله القرآن.
وهذه السور جميعها مكيات النزول.
وقد جاء ذلك في سورة التوبة في قوله تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) .
فقد اقتضى المقام هنا التوكيد لأن إستجارة المشرك بعدوه المسلم مما يُنكر ويُستغرب.
فخرج الكلام مخرج التوكيد.
قال الزمخشري: " أحد " مرتفع بفعل الشرط مضموراً يفسره الظاهر. .
تقديره: وإن استجارك أحد استجارك، ولا يرتفع بالابتداء لأن " إن " من
عوامل الفعل لا تدخل على غيره.
والمعنى: إن جاءك أحد من المشركين بعد انقضاء الأشهر لا عهد بينك وبينه ولا ميثاق فاستأمنك ليسمع ما تدعو إليه من التوحيد والقرآن.
وتبين ما بعثت له فأمنه حتى يسمع كلام الله ويتدبره ويطلَّع
على حقيقة الأمر.
ثم أبلغه بعد ذلك داره التي يأمن فيها. إن لم يسلم ".