[* الظل والجرس:]
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ)
والهدف من الآية الإنكار على المتقاعدين عن الجهاد.
واستثارة هممهم للغزو فى سبيل الله لأنهم كلما دُعوا إلى القتال تراخوا وفترت عزماتهم.
فجاءت كلمة " اثَّاقَلْتُمْ " تصور المعنى أبدع تصوير لأن التثاقل يقاوم
حركات الرافعين له. كلما رُفِعَ تساقط وهوى إلى الأرض.
والذين قعدوا عن الجهاد مثلهم مع الداعي إليه مثل التثاقل مع رافعيه
هذه صورة يدركها الخيال. ومنظر ماثل أمام الناظرين تصوره كلمة واحدة
هى " اثَّاقَلْتُمْ " بما تثيره من خيال " ظل "، وبما توحى به نغماتها من رنين
" جرس " فهى تتكون - بحسب نطقها - من أربعة مقاطع صوتية. وكل
مقطع منها مكون من فتح وسكون، والفتح والضم حركة تشبه دعوة الداعي.
والسكون على المقاطع تملص من تلك الحركات الرافعة، وإخلاد إلى الأرض.
ولنا أن نقارن بين الكلمة المدعوين إليها " انفروا " والكلمة الجانحين هم
إليها " اثَّاقَلْتُمْ " فللأولى خفة. توحي بمعنى الإنطلاق. وللثانية ثقل يوحى
باللصوق بالأرض، فبينهما ما بين الحركة السريعة والبطء المتثاقل!
وخذ إليك قوله تعالى: (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١)
وتأمل الصورة تأملاً تدرك منه سر اختيار هذه الكلمات: " حُمُر "
و" مستنفرة " و " فرت " و "قسورة "
وإذا وصلتَ إلى ذلك أدركتَ إلى أى مدى كان الكافرون يُعرضون عن الدعوة ويشردون منها شروداً بالغاً مداه كما تشرك الحُمُر المستنفرة إذا هاجها الصياد أو الأسد المفترس.