وقوله تعالى: (أفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لا يَخْلقُ) .
وغير ذلك كثير. والواقع أن ما سموه بالمذهب الكلامى دعامة أساسية فى
الأسلوب القرآني، مثل الطباق، لأن القرآن خاصمَ وجادصل كثيراً في سبيل
إحقاق الحق، ودحر الباطل.
وكثيراً ما كان يُشرك العقل والإحساس والعواطف والوجدان في الخطاب، ولذلك فإن المذهب الكلامى فيه لم يأت على الطريقة
النطقية الجافة. بل ساق لهم الحقيقة نابضة حية لا يحير في تمثيلها عقل
ولا تجمد في الإحساس بها عاطفة، ولا يتبلد شعور.
* * *
[* قياس المذهب الكلامى:]
وطريقة القياس فيه سهلة واضحة. ومقدماته صادقة معتَرف بها حتى عند ألد
الخصوم. ونتائجه واضحة مسلمة إلا مَن كابر وعاند وناقض نفسه والواقع.
انظر إلى هذا الوضوح:
(لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) .
وهذه حقيقة مسلمة ثم انظر كيف استخدم القرآن هذه الحقيقة في إثبات البعث: (أوَ ليْسَ الَّذِي خلقَ السماواتِ والأرْضَ بِقَادرٍ عَلى أن يَخْلقَ مِثْلهُم) .
ثم تأمل كيف وصل القرآن إلى نفى تعدد الآلهة في كلمات قصار لفتت
الأنظار إلى حقيقة كبرى لا يختلف فيها اثنان، ثم اتخذ من هذه الحقيقة الكبرى
مبدأ للقياس: (لوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَة إلا اللهُ لفَسَدَتَا) .
لا فساد في السموات والأرض. هذا حق ثابت، إذن فهو دليل التوحيد فلا
إله إلا الله.
ذلك هو دور المذهب الكلامى في القرآن. . جدلٌ حيٌّ، ومنطق وجدان.
* * *