[* منزع الأدلة في المشكلتين:]
لقد استعرضنا - في إيجاز - علاج القرآن الحكيم لمشكلتى التوحيد والبعث.
ونستطيع أن نقول - في اطمئنان - إن منزع الأدلة التي ساقها القرآن لمحاجة
المخالفين هو الطبيعة بما فيها من ظواهر وسنن، ونظام واتساق.
والطبيعة كتاب مفتوح كل إنسان قادر على قراءته وفهمه.
وهى متجددة أمام النظر فيها آيات وعِبَر. ولذلك نستطيع أن نفهم سر
اختيار القرآن هذا المصدر لسوق الأدلة، ولفت الأنظار، لأن القرآن يميل إلى اليُسر والسهولة وينأى عن التعقيد والصعوبة.
ففى الكون والطبيعة تتجلى مظاهر القدرة الخلاقة العظيمة، قُدرة الله الكبير المتعال:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (١٩١) .
وإذا كان منزع الأدلة في المشكلتين واحداً، هو الطبيعة الناطقة المتجددة
تجدد الحياة نفسمها. فإن طريقة الاستدلال تختلف من مشكلة إلى أخرى.
وقد ذكرنا القانون الذي أقامه القرآن لإثبات وجود الله، ووحدانيته، وإبطال فكرة الأصنام والتعدد في الآلهة.
والآن ما هو القانون الذي أقامه القرآن لإثبات وقوع البعث؟
فى سهولةة يمكن أن يقال: إن هذه الظواهر المشاهَدة المرئية قد ثبت أن الله
فاعلها، ولم يكن لها قبل خلقها مثال احتذى في إيجادها.
بل خلقها من العدم.
وهذه حقاثق ثابتة بالضرورة.