للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى الآية شاهد ثان في قوله تعالى: (وَمَقَامٍ كَرِيمٍ) حيث أسند الوصف:

(كَرِيمٍ) إلى غير ما هو له حقيقة، وهو (مَقَامٍ) وذلك كثير فيه،

وسيأتى له بعد بعض التفصيل.

*

[* كواكب مضيئة:]

وقال سبحانه: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (٤) َ.

الكواكب والشمس والقمر أجرام سماوية فلا يأتي منها ما يأتي من العقلاء.

وقد أجراها القرآن في هذه الآية مجرى العقلاء في موضعين:

أولهما: فى (رَأيتُهُمْ) حيث أعاد عليها الضمير الذي يعاد به على

العقلاء.

وكان حق التعبير أن يقال: رأيتها.

ثانيهما: في قوله: (سَاجدينَ) حيث أجرى عليهم الوصف الذي من حقه

أن يجرى على العقلاء - كذلك - وكان حق التعبير أن يقال: ساجدة

لا " ساجدين " ولتوجيه ذلك طريقان:

أولهما: ذكره المفسرون وهو: " لأنه لما وصفها بما هو خاص بالعقلاء - وهو

السجود - أجرى عليها حكمهم، كأنها عاقلة.

وهذا كثير شائع في كلامهم أن يلابس الشيء من بعض الوجوه فيعطى حكماً من أحكامه إظهاراً لأثر الملابسة والمقاربة ".

وهذا توجيه حسن ومقبول. .

ثانيهما: ولم أره لأحد. وهو أن هذه الكواكب والشمس والقمر لما كانت

رموزاً وكنايات عن عاقلين، حيث صرَّح المفسرون بأن المراد بالكواكب: أخوته،

<<  <  ج: ص:  >  >>